-

في الغرفة ... بقلم : احمد محمد علي الاعرج

10.09.2016 | 11:34

(1)

وحيدا في الغرفة

في ظل الكلمات

خلف النافذة

بعض وريقات

قلمي و نظارتي السوداء

جريدة الصباح

فنجان قهوة

صور معلقة على الحائط

و مقعد بارد

يلملم بعض الذكريات

ينتظر الشمس

في كانون

في خلسة من الزمان

 (2)

وحيدا

قرب الباب المغلق

جلست انا و المدى

أسرق من هبوب الريح

موسيقى و بعض قطرات من حبر

و بعض امال

انظر بحنين الى المقبض المعدني

الى الخشب الباهت المتعب

الى انعكاس الظل في المرآة

و الى العصا المتعبة من الانتظار

ارسم ملامح متداخلة

خطوطا متقاطعة متفرعة متعاكسة

صدا

همسا

وبعض حبيبات لؤلؤ

كوشاح من الصوف ابيض

كالياسمين او كحب الهال

معطرا برائحة الحنين

(3)

في ساحة الدار

لحظة صمت

ورق الزيتون وحيدا

مصباح السور القديم

بعض أغصان عارية

كانون في الأفق

ثلج و صقيع و غيوم تهاجر

اثار  متتابعة

مثقلة

متعبة

سكون أشبه بالبنفسج

شمس ترتل بخجل

تحتجب خلف المدفأة

خلف باقة القرنفل

نحو حافة الدرج

سرب حمام ابيض

يطوق وجه السماء

يرسم كلمات

تردد صداها

في الحي

في جدران المنازل

في تقاطع الارصفة

و ارتفاع العناقيد

في عناق المرساة للياطر

في تتابع  أسراب السنونو

في كل شئ

يرسم ظل الشروق 

في الساحة الوحيدة

 (4)

وحيدا أقف الان

من شرفتي الباردة

أطل نحو أفق حزين

ابحث في الخطوات

عنك

عن صوتك

عن ملامح تشبه ولادة الربيع

و تكسر الجليد

عن صورة في الذاكرة

عن البندقية

عن بقايا الشيب

عن أصدقاء فيهم ملامح الحنين

ابحث و ابحث

اكتب على اخر المطر

أنشودة السنابل

قصيدة لعودة الزعتر

لتهليلة جدتي عند الغروب

للتين و الرمان و بقايا الصبار

في الحديقة

اكتب على ورق الكينا

قصص أرويها لنفسي

لأزهار الكباد

للجاردينيا

لعصفور الدوري على حافة النافذة

لصوت الرياح الحزين

لأقلام تدمع بصمت

اتعبها طول الحنين للندى

وحيدة جريدة الصباح

في أقصى الطاولة قرب الموقد

تاهت صفحاتها

أحرفها عناوينها

كلماتها

عناق رائحة الورق و عطر يديك

نظارتك

نشرة الأخبار في المذياع

صوت الفرح في عينيك

موسيقى عبد الوهاب و فيروز عند الصباح

كل شي الان تغير

تبدل

تحول

سافر و ارتحل

فنجان القهوة كالحنظل

الياسمين اختار ان يرحل

ورق الزيتون ذبل

هاجرت العصافير و الغيوم

كل الطرق خالية

تاهت معاني القوافي

لون الفصول

الضحكات و الأشواق

كل الأسماء و الأشهر و الذكريات

 (5)

وحيدا انت

لماذا اخترت ان ترحل

لما وقفت على شاطئ البحر

و أدرت وجهك للقمر

للميناء

لرفاق الدرب

لصورة النرجس

يرقص رقصة التانغو وحيدا

لماذا أسرعت خطاك

هل كانت الوجهة و الصرخة و الرحلة

سريعة

ام ان الفؤاد و البصر

و لحظات العشق القديمة

اختارت الغيوم مسكنا اخيرا

لماذا العناء يا ابي

لمن تركت باقة الحناء

اوراق الزمان

حزام الرصاص

بندقية جدي

ذاك الجدار المزدان بصورك

رشفة القهوة الاخيرة في الفنجان

كل القصائد و الأغاني

شريط الذكريات

ربطة العنق في الخزانة

كل الأحلام

لمن تركت دقات القلب

شروق الشمس في نيسان

صلاة الرضيع في المهد

كاس النبيذ و بقايا الزعتر

لما الرحيل

هل ضاقت كل الطرق

و اتشحت بالسواد

كل الارصفة

و الميادين

ااتعبتك ابوتك

حنينا الى الطفولة

كل لحظات الاشتياق

عناقيد فرحنا

أيامنا

احلامنا

صوت الربيع فينا

كل الدروب التي رسمنا عليها

بلادنا

كل المعاني

كل شيء

كل قصة و رواية

تلك الثلاثية المتعبة

الف و باء و ياء

لم اختصرت عقارب الوقت

و رحلت وحيدا

من سيرسم على صفحة الشمس

سر البقاء

لون النجوم

بداية الحياة

من سيعيد للقمر

صورته الاجمل

حبات اللؤلؤ

و اوراق الياسمين

من سيكمل القصيدة

يا ابي

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts