وجهة نظر مع نضال معلوف

إلى أهلي "السنة" الأعزاء في سوريا..

26.12.2025 | 17:36

تنحو التطورات في الأيام الأخيرة منحىً خطيراً سيكون له آثار كارثية على مدن ذات غالبية سنية إذا استمرت الأمور في الاتجاه الذي تمضي فيه.

موجة تخوين واسعة تقودها وسائل إعلام خليجية وتنساق ورائها وسائل إعلام محلية رسمية وغير ورسمية ويغذي هذه الموجة مؤثرين "محسوبين" على الأكثرية والإدارة الجديدة.

أنا أعمل في مجال الإعلام منذ خمسةٍ وعشرين عاماً، والتعميم الذي أراه في وسائل الإعلام الخليجية، بوصف مكوّناتٍ بكاملها بأوصاف مثل: "العمالة"، و"الفلول"، و"الانفصاليين"، ليس أمراً بريئاً.

والانجرار أو التماهي مع هذه السياسة من قبل السلطات السورية ممثلة في مؤثريها ووسائل إعلامها أمر في غاية الخطورة.

يوم أمس سمعتُ أحد المؤثرين الشهيرين يقول بأن هناك تنسيق بين الهجري وقسد وغزال غزال، من خلال غرفة عمليات مشتركة في تل أبيب!!

- ماذا يعني الأخذ بهذا السيناريو؟

لم ولن تستطيع إدارة الشرع إخضاع كل المكونات بالقوة والإجبار، وإن حصل وأخضعت البعض لبعض الوقت لن تستطيع أبداً إخضاع الجميع لكل الوقت.

- فإذا ماذا يبقى لدينا من احتمالات؟
ماذا يبقى لنا من تبني خطاب، وتبني ممارسات، وتعنت، لنضع الأكثرية في حالة عداء مع باقي المكونات!! ما هي النتيجة برأيكم؟

 

سأقول لكم..

مع وجود معظم هذه المكونات خارج سيطرة إدارة الشرع، ومع وجود قرارات دولية وأممية وضعت الشرع تحت المجهر، والتي ستكون له بالمرصاد، في حال ارتكب أي أعمال قتل أو إبادة بحق هذه المكونات، ستنفصل هذه المكونات بالأرض التي تسيطر عليها عن المركز.

لن يكون هناك حدود جغرافية بين المناطق وحسب، الموضوع اخطر من عملية تقسيم.. سيكون هناك حدودٌ من الكراهية والعداء ونار متقدة بالثأر من كل الاطراف.

انظروا إلى الخارطة، إذا نزعنا من مناطق سيطرة "الأكثرية" الجنوب والشمال والساحل.. ماذا سيبقى لهم..

كنتون مغلق، جزيرة معزولة لا تملك لا موارد ولا حدود ولا قدرات ينتشر فيها الفقر، ذات كثافة سكانية عالية وايديولوجيا مدمرة، فيما سيكون لباقي المكونات مناطق مفتوحة تسيطر على الحدود البرية والبحرية والموارد..

سياسة الإخضاع التي تروج لها وسائل الإعلام الخليجية ربما تنفع في دول قبلية ملكية، نفعت في وقت وظرف مختلف حتى عن وقتنا الراهن.. ولكنها بالتأكيد هي سياسة عقيمة مدمرة في سوريا اليوم..

- تعتقدون بأن هذا كلام فيه تهويل؟

أنتم اليوم محاصرون، انظروا إلى الخريطة مرة أخرى، في الجنوب هناك اسرائيل، وفي الشمال الشرقي أميركا عبر الوكيل قوات سوريا الديمقراطية وفي الشمال تركيا عبر الوكيل الجيش الوطني، وفي الساحل روسيا تنتظر الفرصة المناسبة لكي تعزل الساحل بسكانه الذين بات شغلهم الشاغل العمل والسعي للانفصال أو الحصول على حكم ذاتي..

- كيف يمكن تغيير هذا الواقع برأيكم؟

بالتحريض؟

بالتخوين؟

بالاستعلاء؟

بالتهديد.. ماذا تملكون لتهددوا به ملايين السوريين وتعاملوهم بالاستعلاء ولغة الاخضاع والإجبار؟

الرجاء بعض الحكمة في الطرح..

كيف تفكرون في حكم مناطق فيها "ملايين الخونة" وكيف ستعيشون ويعيشون معكم أصلا؟

نتيجة هذه السياسة كارثية.. وأكبر كارثة ستكون عليكم أنتم..

افتحوا الخرائط.. انظروا من بعيد قليلا للمشهد، قيموه بالعقل لا بالغرائز.. ستجدون أن كلامي صحيح..

- ما المطلوب؟

المطلوب أن يتحول الخطاب من خطاب عداء وكراهية، إلى خطاب وطني جامع، المطلوب أن تضموا باقي المكونات إلى مسيرة بناء الدولة السورية الجديدة التي لا يمكن أن تكون إلا بقيادتكم أنتم.

يجب أن نفهم أن المنقذ الوحيد لنا من هذه الكارثة، تشكيل حكومة وحدة وطنية، وجمع الأطراف على مائدة واحدة وبدء مسار العملية الديمقراطية الجامعة، هذا هو طريق الخلاص الوحيد.

أو سيكون المصير رحلة باتجاه واحد إلى الجحيم..

 

نضال معلوف


TAG: