قرارات جديدة في اطار التحول الى اقتصاد "التشليح"!؟

لا يمكن ان تكون الممارسات ضد الفعاليات التجارية ورجال الاعمال في الاشهر الاخيرة هي نوع من سوء الادارة او التخطيط يوما بعد يوم يبدو ان هناك خطة للاجهاز على كل نشاط اقتصادي في سوريا ودفع اصحاب الاعمال الى الرحيل ..

لا يمكن ان تكون الممارسات ضد الفعاليات التجارية ورجال الاعمال في الاشهر الاخيرة هي نوع من سوء الادارة او التخطيط، يوما بعد يوم يبدو ان هناك خطة للاجهاز على كل نشاط اقتصادي في سوريا ودفع اصحاب الاعمال الى الرحيل..

حتى نكون في صورة الموضوع لم تكن الاعمال في سوريا على مدى النصف قرن الماضي مثالية لم تكن مضبوطة كما يجب لاسباب عديدة ولكن بيئة الاعمال تسير وفق اعراف وفي سياق تناقلته الاجيال بين تطبيق القوانين و"دبر راسك" و"انت وشطارتك" كانت الاعمال "ماشية" بقدرة قادر..

 

عصفت الاحداث بسوريا في السنوات الاخيرة، وكلنا عايشنا ما حصل، دمرت المدن وشرد الناس وقسمت البلد ودخلت جيوش ومليشيات الاحتلال.. توقف الاقتصاد وانهار سعر الصرف.. كارثة بكل المقايس..

واليوم الهم الاكبر بحسب ما ينقل اعلام النظام، هو الوضع المعيشي، تأمين الخبز، الطاقة، الماء، المواد الغذائية الاساسية.. 95% من السوريين مهددين بامنهم الغذائي.. الفجوة بين النفقات والدخل هائلة..

 

نحن في ازمة نحن في كارثة..

في ظل هذه الظروف يصر النظام "نظريا" على تطبيق نوع من الاصلاحات..

والاصلاحات بالنسبة للنظام هو ان ترفع الدعم عن المواطنين، تضيق الخناق على التجار وتركز كل الجهود لاعمال الجباية، تتفنن في الطرق التي يمكن ان تفرض فيها رسوم او غرامات، وترسم خطط لايقاع المواطن او صاحب الاعمال في الاخطاء لتزيد عليه الفاتورة..

عملية "تشليح" بقرارات حكومية تنفذ من خلال موظفين رسميين

 

هذا مدخل لاستعراض القرار الاخير الصادر عن وزارة الاقتصاد الذي من الممكن ان يطلق رصاصة الرحمة على قطاع الاعمال في سوريا..

اذاً لم تكف مفاعيل قرار تمويل المستوردات بالقطع الاجنبي، الذي اربك قطاع الاعمال التجارة والصناعة وادخل التجار والصناعيين في حيص بيص.. في تعقيدات وقرارات خنفشارية الحقيقة لا اعلم كيف يصمد امامها اصحاب الاعمال الى اليوم..

القرار الذي ربط الاستيراد بالتصدير، لا يمكن ان تستورد اذا لم تصدر ولا يمكن تمويل التصدير الا بمبالغ تأتي بها الى سوريا وتصرفها بالسعر المحدد في المصرف المركزي.. معروف القرار وتعقيداته..

ليصدر هذا القرار الاخير الذي يطالب المستورد والتاجر والصناعي بقائمة طويلة عريضة من الثبوتيات التي لا اعتقد ان احدا من التجار والصناعيين قادر حقيقة على الحصول عليها الا ربما ما يمكن ان نعده على اصابع اليد الواحدة.. ساترك لكم صورة من القرار على قناة التلغرام..

براءة ذمة، اثبات ملكية تجارية، اثبات بدفع ما هو مترتب عليه للتأمينات، ورقة حسن سلوك من الغرفة التجارية عمليات تدقيق لا تنتهي على التاجر ونشاطه واملاكه وحقيقة اعماله..

واذا بدأنا بسرد معاناة التجار والصناعيين اليوم فربما يستغرق الامر ساعات وساعات..

تخيلوا مثلا انه لا يقبل ان يدفع ثمن المستوردات التي تحول الى لدولار عند شركات الصرافة الا نقدا، ممنوع ان يحول رجل الاعمال القيمة عبر المصارف العاملة في سوريا، فترى التجار والصناعيين يحملون حقائب الكاش 300 و400 مليون واحيانا اكثر للصرافين ومثلهم للمخلصين الجمركيين.. تحويل المبالغ الكبيرة في حلقة الاعمال ممنوعة يجب عليك ان تغذي حسابك نقدا لكي يقبلوا بعمليات التحويل..

السلبطة والسرقات وعمليات التفتيش البدائية التي تتسبب بضرر بالتغليف وبالبضائع المصدرة..

القرارات التعجيزية بمنع التداول او تأمين العملات الصعبة فيما تتطلب الكثير من المعاملات الدفع بالدولار او اليورو مثل اجور الشحن لشركات الشحن العالمية..

وعندما يتم توجيه السؤال للمسؤولين تكون الاجابة على هذه الشاكلة..

 

الاستثمار في امن المواطن

 

تكلمنا عند الحديث عن جريمة آيات الرفاعي ان العنف مرجح للتصاعد في المجتمع السوري وشرحنا الاسباب بالتفصيل، الانتساب للمليشيات والاعمال القتالية اصبحت المهنة الاكثر انتشارات، الفوضى غياب القانون.. الخ

بعد جريمة الرفاعي جريمة ابشع في الغزلانية يمكن ان تقرأوا تفاصيلها على سيريانيوز

اللافت في الامر هو التعامل الرسمي والاعلامي مع هذه الحوادث، الشفافية الزائدة في التعاطي مع مثل هذه الجرائم.. تشبه شفافية التغطية التي باتت شبه يومية لمعاناة المواطن السوري.. الشفافية التي هي ليست من طبائع النظام في سوريا..

تشعر بان هناك استثمار في معاناة الناس يمكن ان يحقق مكاسب عدة..

إلهاء الناس عن القضايا الاساسية، إلهاء الناس عن السياسة بالجوع وعن الجوع بالامن.. وهكذا..

ترك الامور على ما هي عليه وعدم الاكتراث والاهتمام باتجاه ايجاد الحلول للمشاكل المتفاقمة، لان ايجاد الحلول يحتاج الى صرف مزيدا من الموارد، والنظام غير مستعد لصرف ليرة واحدة بعد الان في خدمة الناس.. الرسالة الاوضاع هكذا ودبروا راسكون..

الامور على الارض سيئة للغاية واليوم لا نتحدث عن الخبز وانما عن الامن الذي ضحى السوري بالغالي والرخيص لكي يضمن العيش في ظله..

لا يمكن ان يتصور انه يوما ما سيقرأ تحذيرات في صفحات موالية تحذر من حمل النقود واستخدام التكاسي واستقلال وسائط النقل العامة وحمل الجولات وارتداء المجوهرات..

منشورات تبث الرعب في قلوب الناس وتزرع خوفا فوق الخوف الذي عاشوه كل تلك العقود والسنين الماضية..

 

 


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close