الخطر الصامت الذي يهدد ما تبقى من سوريا..

مع انخفاض قيمة الرواتب والاجور الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ سوريا، تتجاوز التأثيرات موضوع الفقر والعوز لتصل الى تهديم بنية المجتمع نفسه وتجعله مجتمع غير منتج فاقد للمهارات والطموح..

مع انخفاض قيمة الرواتب والاجور الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ سوريا، تتجاوز التأثيرات موضوع الفقر والعوز لتصل الى تهديم بنية المجتمع نفسه وتجعله مجتمعا غير منتج فاقد للمهارات والطموح..

اذ اصبح البحث عن معونة اجدى واكثر سهولة من عمل كل ايام الشهر للحصول على راتب بين 30 الى 50 دولار.


شاهد التقرير على اليوتيوب .. اضغط هنا


مع وجود المغتربين وملايين السوريين الذين هاجروا ووصلوا الى اوربا واميركا الشمالية وحتى تركيا هؤلاء لهم اقارب واصدقاء ومعارف في الداخل يمكن بمبلغ بسيط ان يعوض راتب الشهر كله.

ليس خافيا على احد ان اي فرد مغترب او حتى لاجئ في اوربا واميركا يقوم اليوم بتحويل مبلغ الى اهله في الداخل.

ايضا هناك الكثير من الجمعيات الدينية الاسلامية والمسيحية تقدم معونات شهرية عينية ومادية ضمن المجتمعات المحلية هذا غير الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية.

فاصبح الوصول الى هذه المصادر لشريحة واسعة من السوريين هو الغاية بدل ايجاد عمل او وظيفة.

وقد يستغرب المتابع بان هناك منشأت اقتصادية في كثير من المناطق في سوريا تعاني من نقص في العمالة، ليس فقط لان اصحاب القدرة والطموح ومن توفر لهم السبيل غادروا سوريا، ولكن للمشهد جانب اخر، ان من بقي اصبح يسعى للمعونات وليس للعمل.

الظاهرة الاخرى الجديرة بالملاحظة هو اتجاه السوريين الى الاقتراض، صحيح ان القروض الشخصية لها شروط لا تتوفر لكل الناس، ولكن اذا اخذنا شريحة الموظفين خاصة العاملين في الدولة فان بامكانهم ان يحصلوا على قروض تصل الى 5 مليون ليرة سوريا بضمانة الراتب.

وان بدا ان هذا المبلغ صغير (1500 دولار تقريبا) الا ان اقساط القروض ستأكل 40% تقريبا من راتب الموظف، الراتب الذي في الاصل لا يكفي الا لتأمين ضروريات المعيشة.. وهذا ما سيضع الاسرة تحت اعباء اضافية تجعلها تبحث على مصادر اخرى للاستدانة او طلب المعونة مرة اخرى.

وهكذا يتحول المجتمع من مجتمع منتج، الى مجتمع متسول يعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات ويتعود الحصول على الوارد بدون عمل.

ايضا يجب الاشارة في هذا الاطار الى كثير من الخدمات التي يحصل عليها السكان في سوريا بشكل مساعدات ايضا ومنها على سبيل المثال الطبابة والاستشفاء وهذا ليس محصورا في مناطق النظام بل يتعداه الى باقي المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة وترزح تحت سلطات الامر الواقع..

ببساطة بات السكان يعرفون انهم لن يحصلوا الا على القليل سواء بالعمل او بدون عمل، وهم سيسعون الى الخيار الثاني، فقد تم قتل الطموح او طرده خارج حدود الوطن.. وهنا سنكون امام مشكلة كيف يستمر الوطن بدون عمل.. سندخل في دوائر مغلقة تسحبنا دوما نحو القاع..

الامر الثاني الملاحظ بان المساعدات منوطة بالمانح وتوفر التمويل، فاذا استثنينا المساعدات العائلية، فان اي مساعدة ان كانت مالية او عينية او خدمات معرضة للتوقف في اية لحظة، وهذا ما نشهده في الاشهر الاخيرة من سحب الدعم عن بعض الجمعيات والمرافق الطبية وترك الناس لمصيرهم المجهول.

ما الذي يمكننا عمله، اعتقد بان ما يمكننا عمله قليل ولكن بكل الاحوال علينا ان نحاول، هو ان اصحاب الاعمال في الداخل والخارج عليهم ان يحرصوا على التشغيل بدل تقديم المساعدة بالمجان، فبالاضافة الى اصحاب الاعمال في الداخل، من لديه عمل في الخارج يحتاج الى مكونات تتم عبر الانترنت او خدمات يمكن تقديمها عن بعد عليه ان يحرص على محاولة توظيف العاملين من داخل سوريا، في خدمات الدعم الفني، التسويق، الاعمال الفكرية والصحفية، حتى المحاسبة وكثير من الاعمال المكتبية..

وفي هذا فائدة للطرفين، وحتى لو اراد صاحب العمل ان يوفر اجرا اعلى مما هو متعارف عليه في السوق المحلية، ستبقى اليد العاملة في سوريا يد عاملة رخيصة قد توفر له هامش اضافي لتحقيق مزيد من الارباح.

نضال معلوف


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close